من طرف 
جسد
500 طفلا بـ 500 كاميرا مختلف وجوه الحياة الاجتماعية والانسانية داخل
المخيمات الفلسطينية في لبنان كما يرونها بعيونهم وعلى سجيتها وعفويتها:
بحلوها ومرها، ببؤسها
وأملها، بعتمتها ونورها، ليوصلوا رسالة مفادها "رغم البؤس ومعاناة
النكبة واللجوء تبقى هناك فسحة من الأمل والفرح وبينهما تأكيد على العودة
ورفض التوطين".
500 صور فوتوغرافية التقطها أطفال هواة من مختلف المخيمات الفلسطينية وقد
حطت رحالها في "خان الافرنج" في صيدا في المعرض الذي نظمته جمعية "مهرجان
الصورة ـ ذاكرة" بالتعاون مع "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية" في لبنان
تحت عنوان "لحظة" وذلك بعد جولة متنقلة بين الولايات المتحدة الاميركية
وفرنسا اليونان.
و"ذاكرة" هي جمعية غير حكومية انشئت في بيروت عام 2007 بهدف ابراز دور
التصوير الفوتوغرافي والصورة بشكل عام وهي تعمل على تشجيع عمل المصور وعلى
اعادة الاعتبار الى اهمية الصورة وقدرتها على التاثير، كما تعمل على تكوين
دائرة من الاهتمامات المشتركة يساهم فيها كل شخص معني بالتصوير وبالصورة.
مشروع "لحظة"
وتقول منسقة الجمعية ريما أبو شقرا، أن مشروع "لحظة" نتيجة مبادرة قام بها
المصور الصحفي رمزي حيدر ونفذتها جمعية "ذاكرة" وهو يرتكز بصورة اساسية على
عمل مشترك بين مجموعة من المصورين والفنانين والمتطوعين والصحفيين
الفاعلين في الجمعية وعدد من اطفال مخيمات اللاجئين الفلسطينين في لبنان.
وأضافت نشط اعضاء الجمعية بهدف تعليم 500 طفل ـ تتراح اعمارهم بين 5 و 12
سنة وذلك على المستويين الفردي والجماعي وكخطوة اولى تم توزيع كاميرات
تصوير تستخدم لمرة واحدة للاطفال الذين أبدوا إهتماما بالمشروع في جميع
المخيمات المنتشرة على الاراضي اللبنانية، مشيرة الى ان آلة التصوير إكتسبت
أهمية خاصة لديهم كونها شكلت وسيلة لتجاوز بعض الحدود ولكسر الصورة
التقليدية التي كونها الاخرون عنهم واستطاع الاطفال من خلال الكاميرا الكشف
عن تجاربهم اليومية في المخيم ومشاركة هذه التجارب مع الآخرين.
تفاصيل المعرض
وعلى وقع دبكة فلسطينية ونشيد "الكربة" التي قدمها اطفال فلسطينيون آخرون
بزيهم العربي التقليدي، أفتتح المعرض في "خان الافرنج" في صيدا بحضور عدد
من الفاعليات اللبنانية والقيادات الفلسطينية يتقدمهم أمين سر حركة "فتح"
في لبنان اللواء سلطان ابو العينين، عضو المجلس الوطني الفلسطيني مسؤول
التعبئة والتنظيم في حركة "فتح" الحاج فتحي ابو العردات، رئيسة الاتحاد
العام للمراة الفلسطينية ـ فرع لبنان امنة جبريل، منسقة جمعية "ذاكرة" ريما
أبو شقرا، وصاحب المبادرة الزميل رمزي حيدر، وحشد من المهتمين.
في أرجاء المعرض، رفعت الصور الخمسماية ولتروي حكايات الحياة الفلسطينية،
وقد تحول المصورون الاطفال الى "شهود" على اوضاع في غاية القسوة اذ يحملون
إرثا ثقيلا هو ارث المنفى والحرب والتهميش وهشاشة مقومات العيش، فجاءت
صورهم تحمل نفسا مغايرا يكشف لنا واقعا كان مخفيا عن أعيننا، لكنهم في ذات
الوقت لا ينزعون عنها روح الفكاهة والفرح والمشاركة حتى أن صورهم تنم عن
قوة حياة وهي نوع من مقاومة مؤثرة.
فالطفلة سماح قاسم من مخيم برج الشمالي جسدت فقر العيش والمنزل من خلال
تصوير غرفة مظلمة حيث تضيء "لامبة" وحيدة على بعض الاثاث المتهرىء، بينما
باسل العالي صور طفلين يدرسان وسط حزام من البؤس والواح الزينكو الصدئة في
مخيم البص، ودينان حسن العريض التقطت صورة لفتى على كرسي متحرك في مخيم
الرشيدية يتحدى الاعاقة ببسمة الامل والفرح، فيما لويء عبد الهادي من مخيم
شاتيلا نقل سعادة الاطفال وهم يسبحون في بركة مياه، لتختم نورهان خالد
السبع بصورة طفلة في عين الحلوة على عفويتها.. كل ذلك يقدمونه كما هو دون
اخراج او اضافات مفتعلة.
فتحي ابو العردات
ويؤكد عضو المجلس الوطني الفلسطيني مسؤول التعبئة والتنظيم في حركة "فتح"
الحاج فتحي ابو العردات ان هذه المعرض يجسد معاناة الاطفال الفلسطينيين في
المخيمات ومعها الامل بغد أفضل، أطفال عاشوا النكبة واللجوء، فحاولوا
بالصور رسم طريق المستقبل، ان المعرض رسالة واضحة بأن الشعب الفلسطيني الذي
يعيش مرارة اللجوء منذ عقود طويلة يعيش الامل ايضا مصمم رغم كل الماساة
والمعاناة على العودة ورفض التوطين.
آمنة جبريل
وتقول رئيسة الاتحاد العام للمراة الفلسطينية ـ فرع لبنان امنة جبريل من
الصورة انطلق الاطفال بفسحة كبيرة الى الصورة نفسها من قلب الحياة النابض
بخلجات تبث لنا المعاناة ومن بعيد لا تتراءى لنا الا فسحة ضوء من الامل يشق
هذا الظلام ليضيء بنوره نهار اطفالنا، يمزق الامل بنوره العتمة، يشعل
بانوار قوس قزح في اذهانهم وكل ذلك لينير دروب مسيرتهم عن طريق الالام
والمعاناة والتهجير التي هي دروب الجلجة الى حياة لائقة بالانسان.
واضافت 500 كاميرا لخمسماية عين كما هي ترى الصورة، اطفال يتأبطون احلامهم
علها توصلهم الى طريق يحمل شيئا من عبق وفرح الطفولة، اقله ان ينعموا بشيء
من الاستقرار والتوازن النفسي والاجتماعي الذي اصبح نقيضا لحياتهم الممتلئة
حزنا والتي قلما ينجحون ليسرقوا منها لحظات عابرة من السعادة.
مشاريع ذاكرة
تهدف مشاريع "ذاكرة" ونشاطاتها الى تشجيع المحترفين والهواة وعامة
المواطنين على حد سواء على الاهتمام بالتصوير، هكذا يشكل كل نشاط للجمعية
فرصة للقاء والتبادل والتفكير حول الصورة، وفي هذا الاطار تنظم "ذاكرة"
معارض ومباريات وورشات تدريب ومشاريع متنقلة وحملات توعية مدنية كما تعمل
"ذاكرة" على تكوين ارشيف من اجل حفظ الصور وتأمين إستمراريتها.
